الأسد يصدم أوباما و يفاجئ ترامب
سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ ترشحه وحتى ما بعد فوزه، إلى نسف كل ما التزمت به إدارة أوباما، - ولو ظاهريا ً- وحرص على التحرك داخليا ً وخارجيا ً وفق ضبابية متعمدة تشمل مواقف إدارته من كافة الملفات والصراعات، بما فيها الحرب الكونية-الإرهابية في سورية وعلى سورية، وفسح المجال للتوقعات والتحليلات والحسابات التائهة، ودفع بحلفاء الولايات المتحدة وشركائها وأدواتها وحتى أعدائها، لإطلاق تساؤلاتهم وعنان أوهامهم أو لإستعراض عضلاتهم وإمكانياتهم، وتقديم أوراق إعتمادهم من جديد كمستحقين لثقته، أو لإجتذابه نحو التفاوض معهم.
بعدما أكد شهادة المنشأ الأمريكية لتنظيم "داعش" الإرهابي على يد أسلافه، ووجّه كل اللوم نحو الرئيس أوباما الذي " ترك الفوضى داخل الولايات وخارجها" – بحسب الرئيس ترامب، وكرر تهديداته بسحق "داعش"، وطالب بخطط ٍ عاجلة للقضاء عليه، وألقى بـ" قنبلة " تأييده إقامة " المناطق الاّمنة " في الشمال السوري، فدبّ الحماس في أنقرة والرياض، وفي أوصال المعارضات السورية ومنصاتها وإرهابييها، وفتح شهيتهم للتحرك السياسي والميداني، ما انعكس على أجندة المبعوث المنحاز أصلا ً ضد الدولة والشعب السوري، وأسرع بالضوء الأخضر الأمريكي، في محاولة ٍ لنسف نتائج لقائي الأستانة، عبر نسخة ٍ رابعة لمؤتمر جنيف، و بسقفٍ هشٍ منخفض التوقعات سلفا، على وقع التفجيرات الإرهابية في مدينة حمص، على غرار الجنيفات السابقة، بالتوازي مع تقديم المشاريع الغربية الخبيثة، بهدف إدانة الدولة السورية بإستخدام السلاح الكيماوي في حلب وغير مكان، دون أدلة و براهين، بعيدا عن الحقيقة و المهنية والواقعية، وبما يضمن التغطية على مستخدميه الحقيقيين في "جبهة النصرة"، وبفرض المزيد من العقوبات على الدولة والشعب السورين بالتوازي مع سير المباحثات بما يضمن زيادة الضغط على الوفد الرسمي و محاولة إرباكه، فإعتمد المبعوث على أجندة غير مقنعة في الشكل والمضمون، وبدا هزيلا ً في كافة التحضيرات، وتجاوز بعض الأعراف الدبلوماسية، وأطلق أجندته ورقته ووثيقته في سلال ثلاثن تجاهل فيها محاربة الإرهاب بشكل غريب، تماهيا ً مع موقف منصة الرياض التي حاولت الهيمنة و إبتلاع باقي المنصات والوفود، بدا وفيا ً للإرهابيين أكثر من وفائه للحياد والمهنية وجوهر مهمته، وبدا كمن ينصب الفخاخ، و يبحث عمن يُفشل المؤتمر، وحاول أن تكون سوريا هي ذاك الطرف المعرقل والرافض للحل السياسي، أراد تمديد مهمته، وسعى إلى تجزئة جنيف الرابع إلى جولتان، بما يعزز فرص التمديد, هذا من جهة، ومن جهة ٍ أخرى استغل مشغلوه الزمن المهدور في عشرات اللقاءات بين الوفود، كإستغلالهم للهدن سابقا ً في إعادة التموضع والتسليح، وفي إتمام دمج وتشكيل المجموعات الإرهابية وفق التسميات الوليدة والجديدة، وسط تتويج الإرهاب بأوسكار ٍ وقح على يد مانحيه ولمن تقلّده، ووسط فيتو الحليفين الروسي والصيني المتوقع والمعلن عنه سلفا ً من قبل الروس أنفسهم، وإصرار مقدميه اللذين يكمنون لما هو أبعد من الوقت الحالي في استهداف روسيا، و نيتهم القضاء على حق الفيتو وإلغائه , عبر تمييعه من خلال عدد مرات و خصوصية استخدامه ضد مشاريعهم ومصالحهم المشبوهة في مجلس الأمن.
لم تتأخر الدولتان الروسية و الإيرانية، في تعزيز دعم الحوارات، بعدما تكشّفت نوايا المبعوث.. كذلك نجحت الدبلوماسية السورية في إحراج المبعوث وإفشال مخططه، وفي تفادي الوقوع في فخ الإنسحاب أو التعطيل الذي لم ولن يكون يوما ً مدرجا ًعلى قائمة أدبياتها وسلوكياتها الدبلوماسية، وسعيها الدائم لإنجاح الحوار الذي دعت إليه منذ اليوم الأول للحرب على سوريا، فوافقت على طرح المبعوث وسلاله الثلاثة المنبثقة عن القرار 2254، وطرحت ضم سلة ٍ رابعة عنوانها محاربة الإرهاب، بالتوازي والتساوي مع السلال الثلاث، بالإستناد إلى القرار الأممي ذاته، والذي نصّ صراحة ً على ضرورة مكافحة الإرهاب، والذي كان قد أعلنه ديمستورا أساسا ً للتفاوض، الأمر الذي حظي بموافقة منصتي موسكو والقاهرة، و أعاد بذلك وفد الدولة السورية الكرة إلى ملعب منصة الرياض التي تبدو عاجزة عن رفضه أوحتى على السير فيه .
لا شك بأنه نصرٌ سياسي يُضاف إلى ذاك النصر الميداني الذي وصلت أصداؤه إلى جنيف و كافة أصقاع العالم , والذي زف فيه بيان القيادة العامة للجيش و القوات المسلحة للدولة السورية نبأ تحرير مدينة تدمر الأثرية التاريخية من براثن تنظيم "داعش" الإرهابي , مفجرا ً بذلك زلزاله الثاني بعد تحرير حلب، مبشرا ً لما هو اّت ٍ من إنتصارات ميدانية قادرة على حسم المعركة سواء مع الإرهابيين أنفسهم أو مع أي قوات غازية و محتلة متواجدة على الأرض السورية و تحت أي عنوان.
كان لا بد أن يستفيق المبعوث من سبات ٍ قارب مدة عام ٍ كامل فصل بين نسختي جنيف الثالثة والرابعة , بإنتظار إستلاب مدينة حلب و إكمال إحتلالها إرهابيا، بما يضمن تقسيم سوريا , لكنه استفاق على رحيل الإدارة الأمريكية السابقة وعلى صدمة تحرير حلب، بعدما حاول فعل المستحيل لتفادي خروج الإرهابيين منها، لكنه إستسلم ورضخ وخشي من تكرار المشهد في إدلب وغير مكان .
كما أنه لم يعد خافيا ً على أحد إعتماد الإدارة الأمريكية كقائد أعلى لكافة التنظيمات الإرهابية و التحركات السياسية المرافقة في الحرب على سوريا، على عامل الوقت وإطالة زمن الحرب، وكانت قد حدثتنا عن ثلاثون عاما ً للقتال، وعملوا على إضاعة كافة الجهود الدولية بعد استنزاف الأسابيع والأشهر وحتى السنوات، إذ أضاع جون كيري عاما ً كاملا ً في اللعب على فصل التنظيمات الإرهابية عن المسلحة "المعتدلة"، وأضاع ما فيه الكفاية من زمن اللقاءات و الإتصالات الهاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف , فيما دعي بالإتفاق الروسي – الأمريكي، و اليوم يأتي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، ليلعب على نفس الوتر، في محاولة منه لوقف الزمن وليس استغلاله فقط , فكانت الضبابية وعدم وضوح تحركاته وسياسات إدارته تجاه كافة ملفات الصراعات المفتوحة في سوريا و العراق واليمن والإقليم والعالم، وجاءت وعود كبير مستشاريه كإبر التخدير الخاصة بتجميد الملعب واللاعبين وعقارب الزمن تسعة وتسعون يوما ً بإنتظار" المفاجئة " ؟, كما حاولت إدارته استخدام ذرائع و أضاليل تبرير غيابها عن ساحات اللقاءات في الأستانة وجولة جنيف الرابعة، في وقتٍ باتت تحتاج فيه لمن يصدق غيابها وخداعها !.
ومع إدراك القيادة السورية النوايا الأمريكية واستراتيجيتها القائمة على استهلاك الوقت و إطالة زمن الحرب، واستنزاف الدولة السورية وحلفائها أيضا ً, إلاّ أنها مارست صبرا ً نوعيا ً غير مسبوق، تزامن مع حسابات وتحركات دقيقة أفشلت من خلالها كافة المخططات، وحافظت على هدوئها وإتزان تحركاتها السياسية و الميدانية ووفق جدول أولوياتها، و اختارت بعناية فائقة توقيت ضرباتها القاضية الموجعة لمدير جوقة العدوان على سوريا، ولأذرعه الإرهابية، فكان تحرير حلب زلزالها الأول الذي دقّ المسمار الأخير في نعش إدارة الرئيس أوباما، فيما جاء زلزالها الثاني عبر تحرير تدمر و مطارها العسكري , بمثابة الصدمة الكهربائية التحريضية، والتي ستجبر الرئيس ترامب على تسريع تخليه عن استراتيجية الضباب، ومواجهة الواقع الميداني بعيدا ً عن " فكرة " المناطق الأمنة " التي أطلقها، و لتحريض إدراكه بأن الرئيس الأسد قد أضاف مدينتي حلب و تدمر إلى لائحة المناطق الاّمنة – سوريا ً- على طريق تحويل كل سوريا إلى وطن اّمن.
لقد بات من الواضح أن إنتصارات الجيش وتحرير مدينتي حلب وتدمر يستدعي تحرير جنيف , فالحرب على سوريا انتهت عسكريا ً والنصر السياسي يبدو نتيجة ً طبيعية، بعد أن أضافت جملة الإنتصارات السلة الرابعة لمكافحة الإرهاب إلى قائمة سلال المبعوث ديمستورا، وأسقطت الكثير من البنود والمنصات الحاقدة، وأسقطت معها عشرات الساسة و قادة الحرب الظالمة، ولن يكون الرئيس باراك أوباما اّخر "الساقطين".
وآن الأوان لتخاطب حلب و تدمر مؤتمر جنيف ومبعوثه، لتقول حان وقت الوداع، فليرحل ستيفان ديمستورا بعد أن أحال الدكتور بشار الجعفري مستقبل الميسر والمبعوث إلى التقاعد، و ليصطحب معه نصف المعارضات، ونصف من صاغوا القرارات، وأن يترّحم على نصف ساسة ِ العالم، و من سيرحلون ؟.. وتبقى العبرة لمن يعتبر، فسوريا وطن ٌ ما خُلق ليُهزم .
لم تتأخر الدولتان الروسية و الإيرانية، في تعزيز دعم الحوارات، بعدما تكشّفت نوايا المبعوث.. كذلك نجحت الدبلوماسية السورية في إحراج المبعوث وإفشال مخططه، وفي تفادي الوقوع في فخ الإنسحاب أو التعطيل الذي لم ولن يكون يوما ً مدرجا ًعلى قائمة أدبياتها وسلوكياتها الدبلوماسية، وسعيها الدائم لإنجاح الحوار الذي دعت إليه منذ اليوم الأول للحرب على سوريا، فوافقت على طرح المبعوث وسلاله الثلاثة المنبثقة عن القرار 2254، وطرحت ضم سلة ٍ رابعة عنوانها محاربة الإرهاب، بالتوازي والتساوي مع السلال الثلاث، بالإستناد إلى القرار الأممي ذاته، والذي نصّ صراحة ً على ضرورة مكافحة الإرهاب، والذي كان قد أعلنه ديمستورا أساسا ً للتفاوض، الأمر الذي حظي بموافقة منصتي موسكو والقاهرة، و أعاد بذلك وفد الدولة السورية الكرة إلى ملعب منصة الرياض التي تبدو عاجزة عن رفضه أوحتى على السير فيه .
لا شك بأنه نصرٌ سياسي يُضاف إلى ذاك النصر الميداني الذي وصلت أصداؤه إلى جنيف و كافة أصقاع العالم , والذي زف فيه بيان القيادة العامة للجيش و القوات المسلحة للدولة السورية نبأ تحرير مدينة تدمر الأثرية التاريخية من براثن تنظيم "داعش" الإرهابي , مفجرا ً بذلك زلزاله الثاني بعد تحرير حلب، مبشرا ً لما هو اّت ٍ من إنتصارات ميدانية قادرة على حسم المعركة سواء مع الإرهابيين أنفسهم أو مع أي قوات غازية و محتلة متواجدة على الأرض السورية و تحت أي عنوان.
كان لا بد أن يستفيق المبعوث من سبات ٍ قارب مدة عام ٍ كامل فصل بين نسختي جنيف الثالثة والرابعة , بإنتظار إستلاب مدينة حلب و إكمال إحتلالها إرهابيا، بما يضمن تقسيم سوريا , لكنه استفاق على رحيل الإدارة الأمريكية السابقة وعلى صدمة تحرير حلب، بعدما حاول فعل المستحيل لتفادي خروج الإرهابيين منها، لكنه إستسلم ورضخ وخشي من تكرار المشهد في إدلب وغير مكان .
كما أنه لم يعد خافيا ً على أحد إعتماد الإدارة الأمريكية كقائد أعلى لكافة التنظيمات الإرهابية و التحركات السياسية المرافقة في الحرب على سوريا، على عامل الوقت وإطالة زمن الحرب، وكانت قد حدثتنا عن ثلاثون عاما ً للقتال، وعملوا على إضاعة كافة الجهود الدولية بعد استنزاف الأسابيع والأشهر وحتى السنوات، إذ أضاع جون كيري عاما ً كاملا ً في اللعب على فصل التنظيمات الإرهابية عن المسلحة "المعتدلة"، وأضاع ما فيه الكفاية من زمن اللقاءات و الإتصالات الهاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف , فيما دعي بالإتفاق الروسي – الأمريكي، و اليوم يأتي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، ليلعب على نفس الوتر، في محاولة منه لوقف الزمن وليس استغلاله فقط , فكانت الضبابية وعدم وضوح تحركاته وسياسات إدارته تجاه كافة ملفات الصراعات المفتوحة في سوريا و العراق واليمن والإقليم والعالم، وجاءت وعود كبير مستشاريه كإبر التخدير الخاصة بتجميد الملعب واللاعبين وعقارب الزمن تسعة وتسعون يوما ً بإنتظار" المفاجئة " ؟, كما حاولت إدارته استخدام ذرائع و أضاليل تبرير غيابها عن ساحات اللقاءات في الأستانة وجولة جنيف الرابعة، في وقتٍ باتت تحتاج فيه لمن يصدق غيابها وخداعها !.
ومع إدراك القيادة السورية النوايا الأمريكية واستراتيجيتها القائمة على استهلاك الوقت و إطالة زمن الحرب، واستنزاف الدولة السورية وحلفائها أيضا ً, إلاّ أنها مارست صبرا ً نوعيا ً غير مسبوق، تزامن مع حسابات وتحركات دقيقة أفشلت من خلالها كافة المخططات، وحافظت على هدوئها وإتزان تحركاتها السياسية و الميدانية ووفق جدول أولوياتها، و اختارت بعناية فائقة توقيت ضرباتها القاضية الموجعة لمدير جوقة العدوان على سوريا، ولأذرعه الإرهابية، فكان تحرير حلب زلزالها الأول الذي دقّ المسمار الأخير في نعش إدارة الرئيس أوباما، فيما جاء زلزالها الثاني عبر تحرير تدمر و مطارها العسكري , بمثابة الصدمة الكهربائية التحريضية، والتي ستجبر الرئيس ترامب على تسريع تخليه عن استراتيجية الضباب، ومواجهة الواقع الميداني بعيدا ً عن " فكرة " المناطق الأمنة " التي أطلقها، و لتحريض إدراكه بأن الرئيس الأسد قد أضاف مدينتي حلب و تدمر إلى لائحة المناطق الاّمنة – سوريا ً- على طريق تحويل كل سوريا إلى وطن اّمن.
لقد بات من الواضح أن إنتصارات الجيش وتحرير مدينتي حلب وتدمر يستدعي تحرير جنيف , فالحرب على سوريا انتهت عسكريا ً والنصر السياسي يبدو نتيجة ً طبيعية، بعد أن أضافت جملة الإنتصارات السلة الرابعة لمكافحة الإرهاب إلى قائمة سلال المبعوث ديمستورا، وأسقطت الكثير من البنود والمنصات الحاقدة، وأسقطت معها عشرات الساسة و قادة الحرب الظالمة، ولن يكون الرئيس باراك أوباما اّخر "الساقطين".
وآن الأوان لتخاطب حلب و تدمر مؤتمر جنيف ومبعوثه، لتقول حان وقت الوداع، فليرحل ستيفان ديمستورا بعد أن أحال الدكتور بشار الجعفري مستقبل الميسر والمبعوث إلى التقاعد، و ليصطحب معه نصف المعارضات، ونصف من صاغوا القرارات، وأن يترّحم على نصف ساسة ِ العالم، و من سيرحلون ؟.. وتبقى العبرة لمن يعتبر، فسوريا وطن ٌ ما خُلق ليُهزم .
*ميشيل كلاغاصي - وكالة أوقات الشام
تعليقات
إرسال تعليق